لعل من أغرب القصص في حياة الأمم قصة الدولة العثمانية و هادمها
ولد مصطفى كمال سنة (1299هـ = 1880م) بمدينة "سالونيك" التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، أما أبوه فهو "علي رضا أفندي" الذي كان يعمل حارسًا في الجمرك، وقد كثرت الشكوك حول نسب مصطفى، وقيل إنه ابن غير شرعي لأب صربي، ويذكر الكاتب الإنجليزي "هـ.س. أرمسترونج" في كتابه: "الذئب الأغبر" أن أجداد مصطفى كمال من اليهود الذين نزحوا من إسبانيا إلى سالونيك وكان يطلق عليهم يهود الدونمة، الذين ادعوا الدخول في الإسلام.
وبعد تخرجه في الكلية العسكرية في إستانبول عين ضابطًا في الجيش الثالث في "سالونيك" وبدأت أفكاره تأخذ منحنى معاديًا للخلافة، وللإسلام، وما لبث أن انضم إلى جمعية "الاتحاد والترقي"، واشتهر بعد نشوب الحرب العالمية الأولى حين عين قائدًا للفرقة 19، وهُزم أمامه البريطانيون مرتين في شبه جزيرة "غاليبولي" بالبلقان رغم قدرتهم على هزيمته، وبهذا النصر المزيف رُقّي إلى رتبة عقيد ثم عميد، وفي سنة (1337هـ = 1918/) تولى قيادة أحد الجيوش في فلسطين، فقام بإنهاء القتال مع الإنجليز – أعداء الدولة العثمانية – وسمح لهم بالتقدم شمالاً دون مقاومة، وأصدر أوامره بالكف عن الاصطدام مع الإنجليز.
وبدأ يشعل ثورته التي يحميها الإنجليز، وانضم إليه بعض رجال الفكر وشباب القادة الذين اشترطوا عدم المساس بالخلافة، واستمر القتال عاما ونصف العام ضد اليونانيين، استعار خلالها أتاتورك الشعار الإسلامي ورفع المصحف، وأعلن الحلفاء أثناءها حيادهم، أما الإنجليز فكانوا يعملون جهدهم لإنجاح هذه الثورة، فبعد تجدد القتال بين أتاتورك واليونانيين في (1340هـ = 1921م) انسحبت اليونان من أزمير ودخلها العثمانيون دون إطلاق رصاصة، وضخمت الدعاية الغربية الانتصارات المزعومة لأتاتورك، فانخدع به المسلمون وتعلقت به الآمال لإحياء الخلافة، ووصفه الشاعر أحمد شوقي بأنه "خالد الترك" تشبيهًا له بخالد بن الوليد
الله أكبر كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدد خالد العرب
وبعد انتصارات مصطفى كمال المزعومة انتخبته الجمعية الوطنية الكبرى رئيسًا شرعيًا للحكومة، فأرسل مبعوثه "عصمت باشا" إلى بريطانيا (1340هـ = 1921م) لمفاوضة الإنجليز على استقلال تركيا، فوضع اللورد كيرزون – وزير خارجية بريطانيا – شروطه على هذا الاستقلال وهي:
أن تقطع تركيا صلتها بالعالم الإسلامي
وأن تلغي الخلافة الإسلامي،
وأن تتعهد تركيا بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار
وأن تختار تركيا لها دستورا مدنيًا بدلاً من الدستور العثماني المستمدة أحكامه من الشريعة الإسلامية.
وفرض أتاتورك آرائه بالإرهاب رغم المعارضة العلنية له، فنشر أجواء من الرعب والاضطهاد لمعارضيه، واستغل أزمة وزارية أسندت خلالها الجمعية الوطنية له تشكيل حكومة، فاستغل ذلك وجعل نفسه أول رئيس للجمهورية التركية في (18ربيع أول 1342هـ = 29 أكتوبر 1923م) وأصبح سيد الموقف في البلاد.
وطرد الخليفة وأسرته من البلاد
و ألغى الخلافة الأسلامية لأول مرة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية،
وحوّل المدارس الدينية إلى مدنية،
وأعلن أن تركيا دولة علمانية،
وأغلق كثيرًا من المساجد
وحوّل مسجد آيا صوفيا الشهير إلى كنيسة،
وجعل الأذان باللغة التركية،
واستخدم الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلاً من الأبجدية العربية.
و حرم لبس الحجاب الإسلام
و فرض الأزياء الأوربية
و ألغى الأحتفال بعيدي الفطر و الأضحى
و منع المسلمين من أداء فريضة الحج
و منع تعدد الزوجات
و أباح زواج المسلمة بغير المسلم
و ألغى عطلة الجمعة و جعل العطلة الأسبوعية يوم الأحد
و ألغى من الدستور المادة التي تنص على أن دين الدولة الأسلام
و ألغى منصب شيخ الأسلام
و أجبر الشيوخ على أرتداء القبعة بدلا من العمامة
و ألغى التقويم الهجري
و أباح الردة على الأسلام
و ساوى بين الذكر و الأنثى في
و أعدم أكثر من مائة و خمسين من علماء المسلمين
و ألغى من أسمه كلمة مصطفى
و أوصى في وصيته قبل موته ألا يصلى عليه
----------------------------------------------------------------------------------
قصة عجيبة هي قصة صناعة البطل الوهمي و الزعيم المزيف الذي قد تظن الجماهير المخدوعة أنه يقودها الى الرفعة و هو يقودهم الى الذلة و يحسبونه أنه ينميهم و في الحقيقة هو يمحيهم
ذلك الزعيم المصنوع المزيف الذي كثيرا ما تبتلى به الأمم فيشرزمها و يوردها الموارد
و قد أبتليت بمثله من قبل مصرنا الحبيبة فأضاع الدين و سجن و أعتقل و عذب و أنهزم و أتنكب و مات يشرب من كئوس الذل و الهوان بعد أضاع الأرض و الكرامة
و في الحالتين لا أجد ما أقول سوى
لماذا لم تتحرك الشعوب ؟؟؟
لماذا يوافق شعب مسلم على قرارات تخالف شرع الله بل و يمنع من ممارسة عباداته ؟؟؟؟
لماذا لم يثور الشعب و يطالب بحقه ؟؟؟؟
هل من الصحيح أن هذه الشعوب أنخدعت ؟؟؟
أم أنها خافت ؟؟؟
في الحالتين الأمر سواء نقص في التربية , نقص في تربية الشعب تربية مستمدة من الدين الحنيف
تربية قوامها تغليب مصلحة الكل على الفرد و مصلحة الأمة على البلد
ومصلحة الدين على النفس
تربية تعلم الناس التضحية بالنفس و المال في سبيل الله
تربية من وحي كلام رسول الله ( سيد الشهداء حمزة و رجل قام الى سلطان جائر فأمره و نهاه فقتله)ـ
تربية على أنه ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن
و في التجربة التركية الحديثة خير مثال
فبعد أن طمس الملعون أتاتورك كل إسلامية تركيا و فصلها عن العالم الإسلامي و العربي
عاد إليها الأسلام بشكل متدرج مسحة مسحة
كمثل الطبيب النفسي اتلماهر الذي يطوع من فقد عقله و يأخذه خطوة خطوة بالتدريج
لأنه يعلم أنه لو أخذه بالقوة أو بالعنف أو بسرعة فلن يستطيع أن يتحكم فيه
كقول عمر بن عبد العزيز لابنه: "إنك إن حملت الناس على الخير جملة واحدة.. تركوه جملة واحدة
فبعد أن غيّرت الدولة قبلتها بالكامل، ولم تدخر جهدا في حمل الشعب على ذلك،كان صعود حزب من داخل النخبة العلمانية العسكرية في الخمسينات، بقيادة عدنان مندريس، و فتح ثغرة محدودة في جدار العلمانية المتطرفة في عدائها للإسلام، التي أرساها مؤسس الجمهورية.
وتتمثل هذه الثغرة البسيطة في الاتجاه إلى الاعتراف بالهوية الإسلامية لتركيا، عبر السماح بأداء الأذان بالعربية، ما جعل الناس يخرون سجدا يبكون فرحا، وكذا الإذن بفتح معاهد لتخريج الأئمة والخطباء.
ورغم أن هذه السياسة لم تستمر أطول من الفترة بين 1950 و1960، إذ تم التصدي لها بكل عنف، من قبل حراس المعبد العلماني، الذين انقلبوا على الديمقراطية، بعد إن كانوا قد بدأوا بالانقلاب على الإسلام، فعلّقوا رئيس الوزراء المنتخب عدنان مندريس، ورئيس الجمهورية جلال بايار على المشنقة...
وبعد أن أعادوا ترتيب الأوضاع، وبضغط من الشركاء الأوروبيين، من أجل التحقق بقدر من الانسجام مع الوجه الأوروبي، الذي تحرص عليه النخبة، أو المفروض عليها، تمت العودة إلى الديمقراطية، غير أنها أفرزت- مرة أخرى- حزبا علمانيا معتدلا بزعامة شخصية معتدلة قريبة من الجماعات الصوفية هو سليمان ديميريل، الذي استأنف على نحو ما سياسة مندريس من جهة السماح بالممارسة الدينية، وهو نفسه كان معروفا بأداء الصلاة.
وفي عهده استأنفت الحركة الإسلامية بزعامة البروفسور نجم الدين أربكان عملها، ضمن حزب جديد هو حزب السلامة الوطني، بعد أن حل سابقه، بل إنه ضمن صراعات اليمين واليسار وتشتت الأحزاب، أمكن لأربكان أن يتحالف مع مختلف الأحزاب العلمانية لتشكيل الحكومة مرة مع اليسار بزعامة أجاويد، رئيسا للوزراء، وشغل أربكان خطة نائب مع ست وزارات، ومرتين مع حزب العدالة بزعامة ديميريل بنفس الخطة والعدد من الوزارات.
وقدمت هذه التحالفات الغطاء السياسي الضروري لنمو بنية تحتية قوية للإسلام، تتمثل في سلسلة واسعة من المدارس الثانوية والابتدائية لتخريج الأئمة والخطباء، استقبلتهم كليات للشريعة لمواصلة تعلمهم ثم انفتحت في وجوههم مختلف أبواب الاختصاصات، وفك الحصار على المساجد والتدين عامة. غير أنه أمام صعود الإسلاميين وتفاقم الصدام العنيف بين المتطرفين من اليمين واليسار، تدخلت المؤسسة العسكرية الوصي على تراث أتاتورك لتضع حدا لصعود الإسلاميين المتفاقم مع اندلاع الثورة الإيرانية، من جهة، وللفوضى من جهة أخرى. ولم تعد إلى ثكناتها إلا بعد أن وضعت الوثيقة الدستورية الرابعة، التي نصّبت المؤسسة العسكرية عبر مجلس الأمن القومي حارسا ووصيا على تراث آتاتورك، كما سبق، وتسلم تورغت أوزال رئاسة الوزراء، فلم يلبث أن عاد إلى تراث مندريس في سعي لمصالحة تركيا الحديثة مع هويتها الإسلامية بالتليين من تصلب علمانية أتاتورك في عدائها للإسلام.
وتفاعلت عوامل خارجية من مثل عودة الحركة الإسلامية في صيغة حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان، وفشوّ الفساد وسط النخبة العلمانية للأحزاب، وتعطش الشعب للهوية، والأزمة الاقتصادية، واستمرار انغلاق البوابة الأوروبية في وجه تركيا، وانتشار الكتاب الإسلامي بفعل الترجمات السريعة لكل ما ينشر في العالم الإسلامي، ولاسيما من قبل كتّاب الحركة الإسلامية في تيارها الوسطي، تفاعلت كلها لتعزيز جانب المد الإسلامي، وتعاظم حتى وضع حزب "الرفاه" على رأس الأحزاب التركية بنسبة فاقت 22% من أصوات الناخبين، فأمكن لما يسمى الإسلام السياسي أو الحركة الإسلامية تشكيل الحكومة لأول مرة في تاريخ الدولة التركية الحديثة، متحالفا مرة أخرى مع حزب علماني محافظ، تتزعمه سيدة هي تانسو تشيلر، وذلك سنة 1996.
غير أن حراس المعبد العلماني قد استنفروا مصممين على الإطاحة بأربكان وحزبه، رغم كل التنازلات، التي قدمها للتواؤم مع شعائر المعبد، من مثل الوقوف على قبر أتاتورك، وأداء التحية له، واستقبال مسؤولين إسرائيليين، والمحافظة على الارتباطات الأطلسية والأوربية.
ورغم أن أداءه الاقتصادي كان عظيما في النزول بالتضخم والبطالة والتداين الخارجي إلى أدنى نسبة، بالقياس إلى الحكومات السابقة. ورغم الأداء المتميز غير المسبوق للبلديات، التي تديرها جماعة الرفاه، إلا أن ذلك وبقدر ما رفع مكانة الإسلاميين لدى الشعب، بقدر ما رفع مستوى نقمة الباب العالي ( الهيأة العليا لرجال الأعمال والصحافة وقادة العسكر)، فصعّدوا الضغط عليه حتى حملوه على الاستقالة، وحركوا أداة أخرى من أدوات سيطرتهم (المحكمة العليا) فحلت حزبا في أوج عطائه، بنفس الاتهام الثقافي المعتاد: النيل من هوية الدولة العلمانية. وشنت على التيار الإسلامي ما يشبه حرب إبادة، وذلك على إثر ما استبد بأذهان حراس المعبد العلماني، من شعور بأن الحياة من حولهم بقيادة رئيس الوزراء، زعيم الحركة الإسلامية، اتجهت قدما في اتجاه الإسلام، بما يهدد بتغيير طبيعة الدولة، فانعقد مجلس الأمن القومي في اجتماع عاصف اشتهر باجتماع 28 فبراير 1997 الذي صدر عنه 18 بندا، هي جملة من الإجراءات الصارمة ضد التيار الإسلامي على كل الصعد الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، تأمر رئيس الوزراء الإسلامي بتنفيذها، فماطل حتى اضطر غير بعيد للاستقالة، لتدخل تركيا في طور عصيب من الاضطراب السياسي والثقافي والفساد الاقتصادي المهدد بالانهيار.
واستمرت هذه المرحلة العصيبة، التي عرفت بمرحلة 18 فبراير، ولم تنته إلا بانهيار طبقة سياسية يمينها ويسارها، وجملة أحزابها تقريبا،
ليعود التيار الإسلامي بعد خمس سنوات في ثوب جديد بزعامة شابة، تربت في أحضان المعاهد الدينية، ثم في الحركة الإسلامية خلال عقدين، وشملتها موجة الاضطهاد.. إنه الطيب رجب أردوغان، الذي أطيح به من رئاسة بلدية من أكبر البلديات في العالم، تجلت فيها عبقريته، إذ توفق إلى حل مشكلات حياتية فشل فيها كل من سبقه، فأحاطه الناس بحب عظيم. ولم يشفع له ذلك من العزل والزج به في السجن
.انطلق هذا التيار إلى تشكيل حزب جديد.
وكانت الفكرة الأساسية لـ"العدالة والتنمية"، الحزب الجديد من أحزاب الحركة الإسلامية، تحمل جملة من التعديلات على السياسات المعهودة في هذا التيار، اعتبارا بما حدث في السنوات الست العصيبة الماضية، حيث تعرضت الحركة الإسلامية لمخطط إقصاء واستئصال وكسر عظم، على يد صاحب السلطة العليا الجيش
و أنتهج الحزب الجديد سياسات منها
تجنب كل ما يفضي إلى تجدد الصدام مع صاحب السلطة،
بل العمل على كسب ثقته،
وكذا تجنب الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني،
وكذا إعطاء الأولوية للعلاقة مع أوروبا وللاقتصاد،
والابتعاد عن إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة، مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني،
مع أن الزائر لتركيا يفاجأ بالحجم الواسع لانتشار الحجاب، بما يترواح في مدينة مثل اسطنبول بين 70 إلى 80%، على حين أن أبسط معنى للديمقراطية أن تكون السلطة معبرة عن إرادة الشعب كله أو أغلبه على الأقل، وهذا مثل آخر صارخ على ما تتلظى به الحياة التركية من تناقضات، فهي خليط من إسلام وعلمانية، عثمانية وأوروبية، دكتاتورية وديمقراطية، حكم الشعب وحكم العسكر، بين شارع يملأه الإسلام ودستور يحاربه.
هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه بالحكمة، والرهان على النفس الطويل في التطوير، وتأجيل طرح المحاور المثيرة، وإعادة ترتيب الأولويات، وإيلاء قضايا المعاش، وحقوق الإنسان، واحترام القانون، ومقاومة الفساد في نخبة الحكم، وتهيئة البلد للانضمام إلى أوروبا سبيلا آخر للتقوي على الباب العالي الجديد، والحد من سلطانه المطلق
الثابت أن حزب "العدالة والتنمية" بزعامة النجم الصاعد من سنوات الشاب رجب أردوغان، رئيس بلدية اسطنبول، وهو إلى جانب غول أبرز الشباب، الذين أعدهم أربكان لخلافته، قد نجح- إلى جانب احتفاظه بشعبية واسعة داخل التيار الإسلامي- في استقطاب قطاع واسع من اليمين العلماني المحافظ، الذي تخلى عن أحزابه التقليدية، وتركها تنهار بسبب فسادها وعجزها عن تقديم حلول لمشاكل البلاد الكبرى، كما استقطب فئات أقل من ذلك من اليسار، الذي تراجع بنسبة الثلث لنفس الأسباب. واستقطب كذلك حوالي ثلث الناخبين الأكراد، فضلا عن استقطابه للقاعدة الإسلامية
وكل هذه الفئات الواسعة رأت في العدالة والتنمية وزعامته الشابة منقذا للبلاد من كارثة الفساد الاقتصادي، أو من الحرب الأهلية في كردستان، أو من التصادم مع العسكر. وكلها رأى فيه، رغم التباين الثقافي، الأمل في إنقاذ تركيا من الفساد الاقتصادي، بما عرف عن زعمائه من فعالية ونظافة خلال ممارستهم لإدارة البلديات
أداء الإسلاميين في الحكم لم يكن سلبيا، وكانت في إدارة المدن التركية الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة وأرض روم ممتازة، وهو الأداء الذي جعل من أردوغان نجما ساطعا في سماء اسطنبول، لا بشعارات إسلامية- هي أصلا محظورة الاستعمال في تركيا- بل ببرامجه وإنجازاته، التي جعلت الماء والكهرباء ووسائل النقل والخبز تصل إلى كل بيت، والطرقات معبدة ونظيفة، وعشرات الآلاف من الطلبة يتمتعون بالمنح، وخزائن البلدية بها فائض، بعد أن كانت مثقلة بعدة مليارات من الدولارات. وهو ما فرض على النخبة السياسية أن تسلّم أن لا أحد قادر على منافسة الإسلاميين في إدارة شؤون البلديات. كما فرض التسليم بحقيقة أخرى أن رصيد الإسلاميين في الحكم، وحل مشاكل الناس، ليس مجرد شعارات تدغدغ المؤمنين، وتعدهم بالجنة، وتخوّفهم بالنار، على أهمية أثر ذلك لو حصل، وإنما برامج عملية لحل مشكلات معيشية، فشلت أحزاب العلمنة في حلها، بسبب انفصالها عن ضمير الشعب، وما تلوثت به من مفاسد
هذه هي التجربة التركية الحديثة لأعادة الإسلام مرة أخرى بالتدريج و التدرج
و من و حي التجربة التركية الأتاتوركية القديمة و الأوردوغانية الحديثة أستطيع القول أن التربية و غرس المفاهيم الصحيحة جنبا الى جنب بدون أن تسبق أحداهما الأخرى هي الطريقة الصحيحة للأصلاح و التي أثبتت نجاحها عمليا.
و الأمر مختلف من بلد لأخرى تبعا لظروف هذا البلد و من حالة لأخرى تبعا لظروف هذه الحالة و من و قت الى و قت تبعا لظروف هذا الوقت
و تحضرني مقولة الإمام البنا في أخر حياته
لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لركزت اهتمامى بالدعوة والتربية كما كنت من قبل في بداية حياتى
مؤكدا على أهمية التربية بجوار السياسة و الحركة