وفيما يخص اختلاف الرؤى في بعض القضايا مثل عروبة القدس وتهويدها، أوضح نصار أنه علينا الاعتراف بأن هذا الأمر محل خلاف بين دول العالم كلها، ومنصبه في اليونسكو سيضعه أمام خيارين لإرضاء الجميع إما "تدويل القدس، أو تقسيمها لقدس شرقية وأخرى غربية
Wednesday, September 23, 2009
عمل المفسدين
وفيما يخص اختلاف الرؤى في بعض القضايا مثل عروبة القدس وتهويدها، أوضح نصار أنه علينا الاعتراف بأن هذا الأمر محل خلاف بين دول العالم كلها، ومنصبه في اليونسكو سيضعه أمام خيارين لإرضاء الجميع إما "تدويل القدس، أو تقسيمها لقدس شرقية وأخرى غربية
Monday, September 14, 2009
حصانة الخنازير
هلا برزت إلى غزالة في الوغى….. بل كان قلبك في جناحي طائر
Wednesday, April 1, 2009
لماذا بلا وطن ؟ - الدكتور توكل مسعود
حرة كما خلقها
عزيزة كما أبدعها
كريمة كما أنشأها
إن حريتك هي سر قوتكعدا كلب الصيد خلف أرنب فرَهِقَ ولم يدركه فلقيه من غد فقال: كيف كان ذلك منك ؟! فرد الأرنب : إنك كنت تعدو لحساب صاحبك أما أنا فكنت أعدو لحساب نفسي . وذكروا أن عنترة لما قال له أبوه : قم عنترة فًكِرْ .فرد عنترة : إن العبد لا يحسن الكرًّ والفرّ . فقال أبوه : كِرّ عنترة ... وأنت حر .فقام عنترة فَكَرّ حتى انتزع النصر . وكان جيفارا يقول : "حيث لا حرية فثَمّ وطني" أي أنه يؤثر أن يناضل مع المحرومين من الحرية على أن ينعم مع الرافلين في نعيمها
إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ولكن نفس الحر تحتمل الظما ومن هنا كانت مدونتي " بلا وطن"... الوطن من أشرف القيود التي يتقيد بها الإنسان ، ولكن إذا حال الوطن بين المرء وحريته فليرحل إلى غيره .. وهكذا حتى يصير " بلا وطن " . "....ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها .... " (سورة النساء ، الآية 75) .ثم إن الجهاد إلى حد القتال وبذل النفس والنفيس خير من القعود في وطن منته القيود وعطاؤه الأسر " ... وتلك نعمة تمنها عليّ أن عبدت بني إسرائيل " (سورة الشعراء ، الآية 22 )والناظر إلى قصص الأنبياء وحياة المجاهدين والعلماء والفاتحين يجدهم بلا وطن
. : . الحرية قبل الدين . : .
نعم .. لأنه لا دين بغير حرية..ولا عقيدة بغير اختيار " لا إكراه في الدين ... " (سورة البقرة ، الآية 256) ، وكل من اختار فكرا ً أو دينا ً أو معتقدا ً تحت الضغط فلا عبرة باختياره ولا قيمة لمعتقده حتى يكون حرا ً إلى درجة أن ينشرح صدره باختياره وأن يسعد بقراره " من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح للكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم " (سورة النحل ، الآية 106)
*****
هذا ما كتبه أستذنا الفاضل الدكتور توكل مسعود عن سبب تسميته مدونته القيمة باسم بلا وطن أسأل الله أن يرده الى دعوته وإلى أهله والى جميع أحبابه وتلامذته سالما غانما ، وأن يفك أسره وأن يجزل له الثواب وأن يثبته في محنته وأن يربط على قلبه وقلوب إخوانه أجمعين اللهم آمين
Sunday, December 7, 2008
عيد سعيد جدا
و حتى الحج
***********
**************
*******************
*************
**********
**********
****************
Tuesday, September 30, 2008
و ما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد
منذ مئات السنين كان يوجد سلطان جائر محصن بالسحرة و الجنود الغلاظ الشداد أراد أن يعبده شعبه من دون الله فلما قامت دعوة التوحيد على يد غلام تربى على يد راهب ناسك علمه أن الله واحد لا شريك له و علمه أن ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن و علمه أن مقادير الكون بيد الله و أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و أن ما أخطئه لم يكن ليصيبه و أن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها و أجلها و أن النصر مع الصبر و أن للحق شهداء.
صدع الغلام بدعوة الحق فحورب و حورب أتباعه و لا لشيء إلا لعبادتهم الله من دون الملك الأحمق
و قتل الملك الغلام بعد محاولات عديدة لم تفلح لأن الأمر ليس بيده و لكنه بيد الله الواحد القهار.ـ
قتله بالطريقة التي دله عليها الغلام حين قال (إنك لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد واحد ثم تأخذ سهما من كنانتي ثم تقول بسم الله رب الغلام فترميني بالسهم ) ففعلها الملك الأحمق بكل غباء و تكبر و تحذلق و غرور لم يسبقه فيه إلا غباء فرعون حين عبر اليم بجيشه وراء موسى و قومه ظانا منه أن أنه ناجي مثل موسى.ـ
المهم رمى الملك الأحمق و مات الغلام و أمن الناس و قال أحد وزراء الملك النابهين الذين لم ينفعهم نباهتهم (أرئيت هذا و الله ما كنت تحظر لقد أمن الناس برب الغلام )ـ
و وقع الملك الأحمق في حيرة ماذا يفعل و قد أمن أغلب الشعب بالله الواحد و رفضوا عبادته فما كان منه إلا أنه أمر بالأخاديد فحفرت و أضرمت فيها النيران و أمر جنوده الأغبياء الذين رأوا بأعينهم أن الملك لا حول له و لا قوة في قتل الغلام و أن الله موجود وقادر و أن الملك غبي و عاجز و برغم ذلك ينفذون أوامره مهما تكن فأمرهم الملك بألقاء كل من يشهد أن ربه هوالله رب الغلام و ليس الملك الأحمق.ـ
و ألقي في النار كل من أمن أن الله هو وحده المستحق للعبادة بغير ذنب منهم إلا أنهم أمنوا بالله و كفروا بالأحمق
و جاء بعد ذلك القرأن الكريم يقص القصص لقوم يعقلون مخلدا قصة الغلام و الأحمق و الشعب الذي ضحى من أجل إيمانه و في سبيل حماية عقيدته
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ(1)وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ(2)وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ(3)قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ(4)النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ(5)إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ(6)وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ(7)وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(8)الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(9)}.
و تتكرر القصة في زماننا مرات و مرات و كل ملك أو رئيس أحمق يراد أن تطاع أوامره من دون الله و إن خالف مراده مراد الله أمر بتنفيذ مراده.ـ
حكايتي اليوم مكررة
مدرسة إسلامية فخر للتعليم المصري أحدث التجهيزات و المعامل و الأجهزة و المدرسين لذين يربون قبل أن يعلمون يغرسون القيم و الدين و حب العلم و إحترام الكبير في زمن قل من يغرس فيه هذه المباديء
و كعاده كل الفراعين يصدر الأمر بالهدم لا لسبب غير(و ما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد)ـ
وتبنى المدرسة مرة أخرى و تتجدد الروح فيها فيصدر الأمر بالإغلاق لا لسبب إلا ( و ما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد)ـ
يعترض أولياء الأمور فيأمر الفرعون الطاغية بحفر الأخاديد و إلقاء فيها كل من تسول له نفسه الإعتراض على أمر الملك الأحمق المخالف لكل عرف و دين و حق في الحياة
و حصيلة الأخدود هذه المرة ولي أمر مهندس بشركة بترول أب لخمسة أبناء أصبح قعيد بعد أن ضرب و تكسرت فقرات عنقه.ـ
أحدهم محمد داود الشاب المتدين , القارئ للقرأن , الذي يؤم الناس في صلاة التراويح و التهجد , المتفوق في دراسته للهندسة بالجامعه الألمانية , الهاوي للصحافة و التصوير , والمراسل لموقع الجزيرة توك , والمدون الذي لم يتجاوز عمره عشرون عاما و برغم صغر سنه خرج حاملا كاميرته ليصور الأحداث حول المدرسة و يصور أولياء الأمور و معاناتهم ورجال الشرطة المصرية الذين أصبحوا نسخا من جنود الملك في قصة أصحاب الأخدود يعرفون الحق و يحرقونه في نفس الوقت
و لكن كيف له أن يخرج و يخالف مراد الملك يجب أن يكون مصيره الأخدود و في لمح البصر تم القبض عليه و أقتياده لجهه غير معلومة ثم تأمر النيابة بالإفراج عنه ثم أمر إعتقال ثم بعد عشرة أيام يعرف أهله لأول مرة مكانه إنه في معتقل وادي النطرون
لا لسبب ألا أن مراده المشروع من قبل الله , مخالف لمراد الملك
محمد معتقل من يوم 23 رمضان و ها هو يستقبل العيد المبارك بملابس الحبس الإحتياطي البيضاءيرقد و زملائه خلف القضبان بأمر النظام وبغير سبب إلا ( و ما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد)ـ
أخي محمد أصبر و أحتسب و أعلم أن الله مع الصابرين و قد سبقك للحبس سيدنا يوسف فما وهن
أنا أعلم صغر سنك لكنك رجل بألف رجل
ليت كل شاب في بلادي يكون مثلك لا ترهبه جحافل الباطل الزائل و لا يخشى فى الحق لومة لائم
محمد هذا أول عيد نقضيه بدونك و لكن هذا مراد الله و سننه في الكون أن تقدم تتضحيات في الدنيا لتنال الجنان في الأخرة
محمد لو عقل حابسوك ما يفعلون لكانوا أسبق الناس لأسرضائك و لكنني أقسم بالله أنهم كالأنعام بل هم أضل
و قد قال الله تعالى في أمثالهم
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل..أولئك هم الغافلون
محمد قلوبنا معك....................................................
المهم وجدت نفسي أمام محمد لأول مرة بعد القبض عليه و وجدته بطوله الفارع و عيناه اللتين تنطقان بالذكاء يجلس بين أسرته و الأبتسامة المطمئنة لا تفارق وجهه صابرا محتسبا بل قل إن شئت فرحا ممتنا كحال كل الأخوة الأخرين جلست معه و أستمعت إليه و تفقدت أحواله و أحوال إخوانه
و بدأت الأسر في جو يشبه أجواء المتنزهات تتناول طعام اللإفطار مع أقاربهم الذين يقبعون خلف الأسوار لا لشئ إلا( وما نقموا منهم إلا أن يأمنوا بالله العزيز الحميد)ـ
المهم محمد في أحسن حال و سيظل بأذن ربه في أحسن حال و سيخرج للنور إنشاء الله فلا نامت أعين الجبناء
و حسبنا الله و نعم الوكيل نعم المولى و نعم النصير
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦) صدق الله العظيم
Friday, August 22, 2008
أنفاق العزة
Saturday, August 2, 2008
عرائس الشمع تتحرك ؟؟؟
كما كان أبوه راشدًا عاقلاً وعضوًا في لجنة الحزب الوطني وعميدًا لعائلته التي كانت ظاهرة الامتياز في القرية، واتصف بالوقار وحياة القلب، يضاف إلى ذلك أنه كان دَيِّنًا في سلوكه.
ولما كتب سيد قطب إهداء عن أبيه في كتابه "مشاهد القيامة في القرآن" قال: "لقد طبعتَ فيّ وأنا طفل صغير مخافة اليوم الآخر، ولم تعظني أو تزجرني، ولكنك كنت تعيش أمامي، واليوم الآخر ذكراه في ضميرك وعلى لسانك.. وإن صورتك المطبوعة في مُخيلتي ونحن نفرغ كل مساء من طعام العشاء، فتقرأ الفاتحة وتتوجه بها إلى روح أبيك في الدار الآخرة، ونحن أطفالك الصغار نتمتم مثلك بآيات منها متفرقات قبل أن نجيد حفظها كاملات".
وعندما خرج إلى المدرسة ظهرت صفة جديدة إلى جانب الثقة بالذات من أمه والمشاعر النبيلة من أبيه وكانت الإرادة القوية، ومن شواهدها حفظه القرآن الكريم كاملاً بدافع من نفسه في سن العاشرة؛ لأنه تعود ألا يفاخره أبناء الكتاتيب بعد إشاعة بأن المدرسة لم تعد تهتم بتحفيظ القرآن.
وفي فورة الإحساس والثقة بالنفس كان لظروف النضال السياسي والاجتماعي الممهدة لثورة 1919 أثر في تشبعه بحب الوطن، كما تأثر من الثورة بالإحساس بالاستقلال وحرية الإرادة، وكانت دارهم ندوة للرأي، شارك سيد قطب فيها بقراءة جريدة الحزب الوطني، ثم انتهى به الأمر إلى كتابة الخطب والأشعار وإلقائها على الناس في المجامع والمساجد.
الاستقرار في القاهرة
ذهب سيد قطب إلى القاهرة في سن الرابعة عشرة وضمن له القدر الإقامة عند أسرة واعية وجهته إلى التعليم وهي أسرة خاله الذي يعمل بالتدريس والصحافة، وكان لدى الفتى حرص شديد على التعلم
إلا أنه في القاهرة واجه عقبات محصته تمحيصًا شديدًا جعلته يخرج من الحياة برؤية محددة قضى نحبه –فيما بعد- من أجلها.
والتحق سيد قطب أولاً بإحدى مدارس المعلمين الأولية –مدرسة عبد العزيز- ولم يكد ينتهي من الدراسة بها حتى بلغت أحوال الأسرة درجة من السوء جعلته يتحمل المسئولية قبل أوانه، وتحولت مهمته إلى إنقاذ الأسرة من الضياع بدلاً من استعادة الثروة وإعادة المجد.
واضطر إلى العمل مدرسًا ابتدائيًا حتى يستعين بمرتبه في استكمال دراسته العليا من غير رعاية من أحد اللهم إلا نفسه وموروثاته القديمة. وكان هذا التغير سببًا في الاحتكاك المباشر بالمجتمع الذي كان لا بد له من أسلوب تعامل يختلف عن أسلوب القرويين وتجربتهم.
فالمجتمع الجديد الذي عاش فيه انقلبت فيه موازين الحياة في المدينة السليمة، وبدت في القاهرة سوءات الاحتلال الأجنبي ومفاسد السياسة؛ حيث سادت عوامل التمزق الطبقي والصراع الحزبي وغدت المنفعة وما يتبعها من الرياء والنفاق والمحسوبية هي الروح التي تسري، ويصف عبد الرحمن الرافعي هذا المجتمع بأنه "مجتمع انهارت فيه الثقافة العربية أمام الثقافة الغربية التي تؤمن بالغرب حتى بلغت في بعض الأحيان حد التطرف في الإيمان بالغرب وبمبادئه إيمانًا مطلقًا". فكيف يواجهها هذا الشاب الناشئ المحافظ الطموح؟
كانت صلته بهذا المجتمع صلة تعليم، ثم أصبح الآن مشاركًا فيه، وعليه أن يختار ما بين السكون والعزلة، وبالتالي عدم إكمال تعليمه أو الحركة والنشاط، واختار سيد قطب المواجهة مع ما ينبت معها من عناصر الإصرار والتحدي وعدم الرضا بهذا الواقع المؤلم.
ارتحال فكري
واختار سيد قطب حزب الوفد ليستأنس بقيادته في المواجهة، وكان يضم وقتذاك عباس محمود العقاد وزملاءه من كتاب الوفد، وارتفعت الصلة بينه وبين العقاد إلى درجة عالية من الإعجاب لما في أسلوب العقاد من قوة التفكير ودقة التغيير والروح الجديدة الناتجة عن الاتصال بالأدب الغربي.
ثم بلغ سيد قطب نهاية الشوط وتخرج في دار العلوم 1933 وعين موظفًا –كما أمل وأملت أمه معه- غير أن مرتبه كان ستة جنيهات ولم يرجع بذلك للأسرة ما فقدته من مركز ومال؛ فهو مدرس مغمور لا يكاد يكفي مرتبه إلى جانب ما تدره عليه مقالاته الصحفية القيام بأعباء الأسرة بالكامل.
وهذه الظروف التي حرمته من نعيم أسلافه منحته موهبة أدبية إلا أن الأساتذة من الأدباء –كما يصفهم- كانوا: "لم يروا إلا أنفسهم وأشخاصهم فلم يعد لديهم وقت للمريدين والتلاميذ، ولم تكن في أرواحهم نسمة تسع المريدين والتلاميذ" كل هذا أدى إلى اضطرابه وإحساسه بالضياع إلى درجة –وصفها الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه "مذكرات سائح من الشرق" انقطعت عندها كل صلة بينه وبين نشأته الأولى وتبخرت ثقافته الدينية الضئيلة وعقيدته الإسلامية" ولكن دون أن يندفع إلى الإلحاد، وكان دور العقاد حاسمًا في ذلك.
وانتقل سيد قطب إلى وزارة المعارف في مطلع الأربعينيات، ثم عمل مفتشًا بالتعليم الابتدائي في عام 1944 وبعدها عاد إلى الوزارة مرة أخرى، وفي تلك الفترة كانت خطواته في النقد الأدبي قد اتسعت وتميزت وظهر له كتابان هما: "كتب وشخصيات"، "والنقد الأدبي – أصوله ومناهجه".
وبعد ميدان النقد سلك سيد قطب مسلكًا آخر بعيدًا: بكتابه "التصوير الفني في القرآن" الذي لاقى مقابلة طيبة من الأوساط الأدبية والعلمية فكتب: "مشاهد القيامة في القرآن" ووعد بإخراج: "القصة بين التوراة والقرآن" و"النماذج الإنسانية في القرآن"، و"المنطق الوجداني في القرآن"، و"أساليب العرض الفني في القرآن"، ولكن لم يظهر منها شيء.
وأوقعته دراسة النص القرآني على غذاء روحي لنفسه التي لم تزل متطلعة إلى الروح. وهذا المجال الروحي شده إلى كتابة الدراسات القرآنية فكتب مقالاً بعنوان "العدالة الاجتماعية بمنظور إسلامي" في عام 1944.
ولما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها زادت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية سوءًا وفسادًا وكانت جماعة الإخوان المسلمين هي أوضح الجماعات حركة وانتشارًا حتى وصلت لمعاقل حزب الوفد كالجامعة والوظائف والريف، وأخذت تجذب بدعوتها إلى الإصلاح وقوة مرشدها الروحية المثقفين، وأخذت صلة سيد قطب بالجماعة تأخذ شكلاً ملموسًا في عام 1946 ثم ازدادت حول حرب فلسطين 1948.
وفي هذا الاتجاه ألف سيد قطب كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، وأهداه إلى الإخوان؛ ثم سافر إلى أمريكا وعند عودته أحسنوا استقباله، فأحسن الارتباط بهم وأكد صلته حتى أصبح عضوًا في الجماعة.
الرحلة إلى أمريكا
وجد سيد قطب ضالته في الدراسات الاجتماعية والقرآنية التي اتجه إليها بعد فترة الضياع الفكري والصراع النفسي بين التيارات الثقافية الغربية، ويصف قطب هذه الحالة بأنها اعترت معظم أبناء الوطن نتيجة للغزو الأوروبي المطلق.
ولكن المرور بها مكنه من رفض النظريات الاجتماعية الغربية، بل إنه رفض أن يستمد التصور الإسلامي المتكامل عن الألوهية والكون والحياة والإنسان من ابن سينا وابن رشد والفارابي وغيرهم لأن فلسفتهم – في رأيه – ظلال للفلسفة الإغريقية.
فكان من المنتظر حين يوم 3/11/1948 في بعثة علمية من وزارة المعارف للتخصص في التربية وأصول المناهج ألا تبهره الحضارة الأمريكية المادية ووجدها خلوا من أي مذهب أو قيم جديدة، وفي مجلة الرسالة كتب سيد قطب مقالا في عام 1951 بعنوان: "أمريكا التي رأيت" يصف فيها هذا البلد بأنه: "شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء، بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى، بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك".
المصلح والأديب
امتلك سيد قطب موهبة أدبية قامت على أساس نظري وإصرار قوي على تنميتها بالبحث الدائم والتحصيل المستمر حتى مكنته من التعبير عن ذاته وعن عقيدته يقول: "إن السر العجيب – في قوة التعبير وحيويته – ليس في بريق الكلمات وموسيقى العبارات، وإنما هو كامن في قوة الإيمان بمدلول الكلمات وما وراء المدلول، وإن في ذلك التصميم الحاسم على تحويل الكلمة المكتوبة إلى حركة حية، المعنى المفهوم إلى واقع ملموس".
وكان سيد قطب موسوعيًا يكتب في مجالات عديدة إلا أن الجانب الاجتماعي استأثر بنصيب الأسد من جملة كتاباته، وشغلته المسألة الاجتماعية حتى أصبحت في نظره واجبًا إسلاميًا تفرضه المسئولية الإسلامية والإنسانية، وهذا يفسر قلة إنتاجه في القصة التي لم يكثر فيها بسبب انشغاله بالدراسات النقدية ومن بعدها بالدراسات والبحوث الإسلامية.
وطوال مسيرته ضرب سيد قطب مثل الأديب الذي غرس فيه الطموح والاعتداد بالنفس، وتسلح بقوة الإرادة والصبر والعمل الدائب؛ كي يحقق ذاته وأمله، اتصل بالعقاد ليستفيد منه في وعي واتزان، ولم تفتنه الحضارة الغربية من إدراك ما فيها من خير وشر، بل منحته فرصة ليقارن بينها وبين حضارة الفكر الإسلامي، وجمع بينه وبين حزب الوفد حب مصر ومشاعر الوطنية، وجمع بينه وبين الإخوان المسلمين حب الشريعة وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع إسلامي متكامل. واستطاع بكلمته الصادقة أن يؤثر في كثير من الرجال والشباب التفوا حوله رغم كل العقبات والأخطار التي أحاطت بهم، وأصبح من الأدباء القلائل الذين قدموا حياتهم في سبيل الدعوة التي آمنوا بها.
العودة والرحيل
عاد سيد قطب من أمريكا في 23 أغسطس 1950 ليعمل بمكتب وزير المعارف إلا أنه تم نقله أكثر من مرة حتى قدم استقالته في 18 أكتوبر 1952، ومنذ عودته تأكدت صلته بالإخوان إلى أن دُعي في أوائل عام 1953 ليشارك في تشكيل الهيئة التأسيسية للجماعة تمهيدًا لتوليه قسم الدعوة،.
وخاض مع الإخوان محنتهم التي بدأت منذ عام 1954 إلى أن أُعدم في عام 1966. وبدأت محنته باعتقاله – بعد حادث المنشية في عام 1954(اتهم الإخوان بمحاولة إغتيال الرئيس المصرى جمال عبد الناصر) – ضمن ألف شخص من الإخوان وحكم عليه بالسجن 15 سنة ذاق خلالها ألوانًا من التعذيب والتنكيل الشديدين، ومع ذلك أخرج كتيب "هذا الدين" و"المستقبل لهذا الدين"، كما أكمل تفسيره "في ظلال القرآن".
وأفرج عنه بعفو صحي في مايو 1964 وكان من كلماته، وقتذاك: أن إقامة النظام الإسلامي تستدعي جهودًا طويلة في التربية والإعداد وأنها لا تجئ عن طريق إحداث انقلاب.
وأوشكت المحنة على الانتهاء عندما قبض على أخيه محمد قطب يوم 30/7/1965 فبعث سيد قطب برسالة احتجاج إلى المباحث العامة؛ فقبض عليه هو الآخر 9/8/1965 وقدم مع كثير من الإخوان للمحاكمة، وحكم عليه وعلى 7 آخرين بالإعدام، ولم يضعف أمام الإغراءات التى كانت تنهال من الطغاة من أجل العفو عنه فى مقابل أن يمدح الثورة وقوادها فكان رده بكل ثباتٍ وعزيمة "إن السبابة التى ترتفع لهامات السماء موحدةً بالله عز وجل لتأبى أن تكتب برقية تأييدٍ لطاغية ولنظامٍ مخالفٍ لمنهج الله الذى شرعه لعباده".
أخي أنت حرٌ وراء السدود ..
أخي أنت حرٌ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما ..
فماذا يضيرك كيد العبيد
أخي ستبيد جيوش الظلام ..
و يشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها ..
ترى الفجر يرمقنا من بعيد
أخي قد أصابك سهم ذليل ..
و غدرا رماك ذراعٌ كليل
ستُبترُ يوما فصبر جميل ..
و لم يَدْمَ بعدُ عرينُ الأسود
أخي قد سرت من يديك الدماء ..
أبت أن تُشلّ بقيد الإماء
سترفعُ قُربانها ... للسماء ..
مخضبة بدماء الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح ..
و ألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح ..
و يرفع راياتها من جديد
أخي هل سمعت أنين التراب ..
تدُكّ حَصاه جيوشُ الخراب
تُمَزقُ أحشاءه بالحراب ..
و تصفعهُ و هو صلب عنيد
أخي إنني اليوم صلب المراس ..
أدُك صخور الجبال الرواس
غدا سأشيح بفأس الخلاص ..
رءوس الأفاعي إلى أن تبيد
أخي إن ذرفت علىّ الدموع ..
و بللّت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع ..
و سيروا بها نحو مجد تليد
أخي إن نمُتْ نلقَ أحبابنا ..
فروْضاتُ ربي أعدت لنا
و أطيارُها رفرفت حولنا ..
فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إنني ما سئمت الكفاح ..
و لا أنا أقيت عني السلاح
و إن طوقتني جيوشُ الظلام ..
فإني على ثقة ... بالصباح
و إني على ثقة من طريقي ..
إلى الله رب السنا و الشروق
فإن عافني السَّوقُ أو عَقّنِي ..
فإني أمين لعهدي الوثيق
أخي أخذوك على إثرنا ..
وفوج على إثر فجرٍ جديد
فإن أنا مُتّ فإني شهيد ..
و أنت ستمضي بنصر جديد
قد اختارنا الله ف دعوته ..
و إنا سنمضي على سُنته
فمنا الذين قضوا نحبهم ..
ومنا الحفيظ على ذِمته
أخي فامض لا تلتفت للوراء ..
طريقك قد خضبته الدما
ءو لا تلتفت ههنا أو هناك ..
و لا تتطلع لغير السماء
فلسنا بطير مهيض الجناح ..
و لن نستذل .. و لن نستباح
و إني لأسمع صوت الدماء ..
قويا ينادي الكفاحَ الكفاح
سأثأرُ لكن لربٍ و دين ..
و أمضي على سنتي في يقين
فإما إلى النصر فوق الأنام
.. وإما إلى الله في الخالدين
Thursday, June 26, 2008
سيف الإسلام
Thursday, May 29, 2008
التربية أولا أم التغيير ؟؟؟
وبعد تخرجه في الكلية العسكرية في إستانبول عين ضابطًا في الجيش الثالث في "سالونيك" وبدأت أفكاره تأخذ منحنى معاديًا للخلافة، وللإسلام، وما لبث أن انضم إلى جمعية "الاتحاد والترقي"، واشتهر بعد نشوب الحرب العالمية الأولى حين عين قائدًا للفرقة 19، وهُزم أمامه البريطانيون مرتين في شبه جزيرة "غاليبولي" بالبلقان رغم قدرتهم على هزيمته، وبهذا النصر المزيف رُقّي إلى رتبة عقيد ثم عميد، وفي سنة (1337هـ = 1918/) تولى قيادة أحد الجيوش في فلسطين، فقام بإنهاء القتال مع الإنجليز – أعداء الدولة العثمانية – وسمح لهم بالتقدم شمالاً دون مقاومة، وأصدر أوامره بالكف عن الاصطدام مع الإنجليز.
وتتمثل هذه الثغرة البسيطة في الاتجاه إلى الاعتراف بالهوية الإسلامية لتركيا، عبر السماح بأداء الأذان بالعربية، ما جعل الناس يخرون سجدا يبكون فرحا، وكذا الإذن بفتح معاهد لتخريج الأئمة والخطباء.
ورغم أن هذه السياسة لم تستمر أطول من الفترة بين 1950 و1960، إذ تم التصدي لها بكل عنف، من قبل حراس المعبد العلماني، الذين انقلبوا على الديمقراطية، بعد إن كانوا قد بدأوا بالانقلاب على الإسلام، فعلّقوا رئيس الوزراء المنتخب عدنان مندريس، ورئيس الجمهورية جلال بايار على المشنقة...
وبعد أن أعادوا ترتيب الأوضاع، وبضغط من الشركاء الأوروبيين، من أجل التحقق بقدر من الانسجام مع الوجه الأوروبي، الذي تحرص عليه النخبة، أو المفروض عليها، تمت العودة إلى الديمقراطية، غير أنها أفرزت- مرة أخرى- حزبا علمانيا معتدلا بزعامة شخصية معتدلة قريبة من الجماعات الصوفية هو سليمان ديميريل، الذي استأنف على نحو ما سياسة مندريس من جهة السماح بالممارسة الدينية، وهو نفسه كان معروفا بأداء الصلاة.
وفي عهده استأنفت الحركة الإسلامية بزعامة البروفسور نجم الدين أربكان عملها، ضمن حزب جديد هو حزب السلامة الوطني، بعد أن حل سابقه، بل إنه ضمن صراعات اليمين واليسار وتشتت الأحزاب، أمكن لأربكان أن يتحالف مع مختلف الأحزاب العلمانية لتشكيل الحكومة مرة مع اليسار بزعامة أجاويد، رئيسا للوزراء، وشغل أربكان خطة نائب مع ست وزارات، ومرتين مع حزب العدالة بزعامة ديميريل بنفس الخطة والعدد من الوزارات.
وقدمت هذه التحالفات الغطاء السياسي الضروري لنمو بنية تحتية قوية للإسلام، تتمثل في سلسلة واسعة من المدارس الثانوية والابتدائية لتخريج الأئمة والخطباء، استقبلتهم كليات للشريعة لمواصلة تعلمهم ثم انفتحت في وجوههم مختلف أبواب الاختصاصات، وفك الحصار على المساجد والتدين عامة. غير أنه أمام صعود الإسلاميين وتفاقم الصدام العنيف بين المتطرفين من اليمين واليسار، تدخلت المؤسسة العسكرية الوصي على تراث أتاتورك لتضع حدا لصعود الإسلاميين المتفاقم مع اندلاع الثورة الإيرانية، من جهة، وللفوضى من جهة أخرى. ولم تعد إلى ثكناتها إلا بعد أن وضعت الوثيقة الدستورية الرابعة، التي نصّبت المؤسسة العسكرية عبر مجلس الأمن القومي حارسا ووصيا على تراث آتاتورك، كما سبق، وتسلم تورغت أوزال رئاسة الوزراء، فلم يلبث أن عاد إلى تراث مندريس في سعي لمصالحة تركيا الحديثة مع هويتها الإسلامية بالتليين من تصلب علمانية أتاتورك في عدائها للإسلام.
وتفاعلت عوامل خارجية من مثل عودة الحركة الإسلامية في صيغة حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان، وفشوّ الفساد وسط النخبة العلمانية للأحزاب، وتعطش الشعب للهوية، والأزمة الاقتصادية، واستمرار انغلاق البوابة الأوروبية في وجه تركيا، وانتشار الكتاب الإسلامي بفعل الترجمات السريعة لكل ما ينشر في العالم الإسلامي، ولاسيما من قبل كتّاب الحركة الإسلامية في تيارها الوسطي، تفاعلت كلها لتعزيز جانب المد الإسلامي، وتعاظم حتى وضع حزب "الرفاه" على رأس الأحزاب التركية بنسبة فاقت 22% من أصوات الناخبين، فأمكن لما يسمى الإسلام السياسي أو الحركة الإسلامية تشكيل الحكومة لأول مرة في تاريخ الدولة التركية الحديثة، متحالفا مرة أخرى مع حزب علماني محافظ، تتزعمه سيدة هي تانسو تشيلر، وذلك سنة 1996.
غير أن حراس المعبد العلماني قد استنفروا مصممين على الإطاحة بأربكان وحزبه، رغم كل التنازلات، التي قدمها للتواؤم مع شعائر المعبد، من مثل الوقوف على قبر أتاتورك، وأداء التحية له، واستقبال مسؤولين إسرائيليين، والمحافظة على الارتباطات الأطلسية والأوربية.
واستمرت هذه المرحلة العصيبة، التي عرفت بمرحلة 18 فبراير، ولم تنته إلا بانهيار طبقة سياسية يمينها ويسارها، وجملة أحزابها تقريبا،
وكانت الفكرة الأساسية لـ"العدالة والتنمية"، الحزب الجديد من أحزاب الحركة الإسلامية، تحمل جملة من التعديلات على السياسات المعهودة في هذا التيار، اعتبارا بما حدث في السنوات الست العصيبة الماضية، حيث تعرضت الحركة الإسلامية لمخطط إقصاء واستئصال وكسر عظم، على يد صاحب السلطة العليا الجيش
هذا هو الواقع الذي يجب التعامل معه بالحكمة، والرهان على النفس الطويل في التطوير، وتأجيل طرح المحاور المثيرة، وإعادة ترتيب الأولويات، وإيلاء قضايا المعاش، وحقوق الإنسان، واحترام القانون، ومقاومة الفساد في نخبة الحكم، وتهيئة البلد للانضمام إلى أوروبا سبيلا آخر للتقوي على الباب العالي الجديد، والحد من سلطانه المطلق